أبشر حسين يكتب : حكاية «البنت التي طارت عصافيرها»

مرة ولدي قال لي يا أبوي فى واحدة منتظراك بره ، وطبعاً تصورتها مريضة تبحث عن استشارة أو علاج .. فنزلت ليها .. فوجدتها شابة صغيرة العمر ، ذات جمال هاديء يفرض الاحترام (ذكرتني بالبنت التى طارت عصافيرها) ..‏وطلبت منها الدخول (وأنا فى غاية الاستغراب .. من المواعيد المتأخرة .. والعربة الغالية الثمن) ولكنها اعتذرت وقالت انها مستعجلة وأخرجت (بنفسها) من عربتها كراتين مليانة بالأدوية تخيل (كبرا) يا ود اسحق أعطتنا هذه الحسناء شرف توزيع الكبرا للفقراء (دواء لمرضى الصرع) ..‏فكنا كاننا احضرنا لهم ماء زمزم .. قلت ليها الإسم منو؟ (وأنا أمني نفسي بمعرفة فاعلة خير لم تتجاوز عمر أبنائي) ابتسمت ابتسامة لو وُزعت لكل مدبرسي العالم لزارتهم الفرحة ، وقالت لي اعذرني انا مجرد مرسال، وركبت عربتها واختفت (تاركة نقيضها الذي ليس له نقيض غارق حتى أذنيه فى بحر الدهشة)‏

ما حكيت باقى القصة لما دخلت البيت وطلعت فوق ودخلت الكراتين المليانة بالكبرا ، قالت زوجتي باندهاش وترغب .. ده شنو؟ فقلت ليها هذه البنت التى طارت عصافيرها ، لانها عندما التفتت بجيدها الفرعونى .. وروحها المتوثبة بحب هذا البلد (لتخرج الدواء من العربة) جذبت إليها كل أطفال الشارع ..‏(وأنا منهم .. هذا الكهل الذي هزمت احباطه الغير المؤسس .. في شبابنا .. وأقول تسلم البطن الجابتك) .. فرضت الاحترام بفعلها المغنطيسي وأعطت الأشجار الشارع رونقها ولأسوار المنازل بهجتها (بهذا الفعل الإنساني) وأعطتني أنا الكثير من المد الانسانى ..‏(ملأت بطاطيرى الإنسانية المنهكه من احباطات الواقع .. وزرعت الأمل بغد جميل ، واكتشفت بعد ذلك انها أعطتنى القدرة على العمل عدت أيام .. وشهور قادمات .. بدون توقف .. ما دام أجمل الاطفال قادمون) .

ماذا أقول ..

أكتب لك لأفرغ شحنات الامتنان والجمال ..‏يا ود اسحق انا بسرد هذا السرد لانو الناس بعقليتهم الصوفية بقوا يخلقوا عنى قصص وما عارفين أنو التمويل ده معظمو من أبناء هذا الشعب الوفي ..

التحية لهذا الشعب العظيم الذى أعطانا القدرة على فك طلاسم الدهشة ..‏والتحية لكل الشرفاء الذين شرفونا بمعرفتهم وأناروا لنا الطريق .. وزرعوا لنا الأمل .. وأضاءوا لنا الظلام ..

زرعوا الابتسامة وجعلونا نرى جهدنا .. هباء بلا أثر .. سجوداً لا يسوى شيئا في محراب شعبنا العامر بالخير والمحبة ..

من تغريدة نُشرت بتاريخ 14 – 9 – 2021م

بروفيسور أبشر حسين محمد أحمد

استشاري الباطنية والأعصاب


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *