عامر محمد أحمد يكتب :ما وراء اضطراب دقلو إخوان

الخطاب المصوّر بتقنية التقطيع “الدقلاوي السريع”، بمونتاج سينمائي مزعج بلا شك، يمثل تطوراً ملموساً في إعادة تموضع الداعم الأجنبي لميليشيا الدعم السريع إعلامياً، بعد فشل أدوات الميليشيا من “النواشط”.

وفي التعريف: يُعدّ المونتاج السينمائي تقنية تحريرية قوية ومؤثرة، يُعبّر بها عن أفكار معقّدة ويُستثار من خلالها شعور المتلقي. كما يمثل المونتاج ذروة لغة الفيلم، من حيث كونه تلاعباً بالزمان والمكان والسرد في سبيل إنتاج المعنى.

ومن زاوية نظر مشاهد ومهتم بالأدب، فإن حمدان دقلو، إن كان من الأحياء/العقلاء، فإن حساسيته تجاه التصوير تعاني من مشكلة كبيرة تتلخص في غياب التركيز، والسرعة في الكلام، وتداخل الجُمل، مع لغة يُستشفّ منها إما إساءة لأفراد أو لدول، لا يرغب الداعم في أن تُوجَّه إليها جرعة بحجم ما يتفوه به قائد المرتزقة أمام الكاميرا.

حميدتي محاصر، قليل الحركة، منزوع الإرادة. وتقييد حركته وكلامه، هو ما يكشفه المونتاج نفسه. فاستعمال تقنية التقطيع السينمائي يفضح أن الرجل محصور في غرفة، يُخرجونه منها، ويُحدّد له زيّ الخطاب، بغرض تمرير رسالة زائفة بأنه في الميدان. وهي رسالة تؤدي إلى تشويش جنوده لا أكثر.

الجديد في أمر الأداة المُحرِّكة هو إدخال مصر وإيران إلى المشهد. ولعل المناسبة هي زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى جمهورية مصر العربية، وما يثيره ذلك من قلق من تحالف إقليمي جديد. غير أن آل دقلو، بعد دخولهم السلطة ووجودهم في القصر، لم يدركوا طبيعة العلاقة بين الجيش السوداني والجيش المصري، ولا العلاقة العميقة بين الشعبين السوداني والمصري. وهي حالة مؤسفة لمن كان في السلطة وخرج منها أكثر عتمة.

وتزداد هذه العتمة عندما يوجّه دقلو تهديداً إلى منطقة الشمالية، في استهداف جهوي وعنصري فجّ، يدل على سقوط أخلاقي وسياسي لا يحتاج إلى إعادة شرح أو تذكير.

لقد بات حميدتي – الإرهابي والقاتل المحترف – يقدم خطابات تنتهي دائماً بزيادة نسبة “العُوار”. و”العُوار”، كما في معاجم اللغة، هو العيب أو الخلل، ويقال: “بضاعة ذات عُوار” أي تالفة، تلفت أثناء نقلها بحراً. وفي هذه الحالة: زعامة تالفة، تفسد كلما أُخضعت لـ”المونتاج السينمائي”.

 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *