سطّر باريس سان جيرمان بحروف من ذهب إنجازًا تاريخيًا كبيرًا، وتربّع ملكًا على عرش أوروبا، معلنًا للعالم أجمع أن كرة القدم، حين تُمنح الاهتمام والعطاء والبذل والتفاني والإيمان، وحين تُخطط باستراتيجية طويلة الأمد، وتُنفَق بسخاء وصبر دون استعجال للنتائج، فإن النصر حليفها لا محالة.
لقد حصد باريس سان جيرمان ثمار جهود سنوات طويلة، لم يكلّ فيها ولم يملّ، وما خارت عزيمته يومًا، وصولًا إلى هذا الإنجاز الكروي العظيم.
لعب باريس سان جيرمان نهائي دوري أبطال أوروبا ليلة أمس كما لم يلعب من قبل. دخل اللاعبون أرض الملعب بشخصية البطل منذ الدقائق الأولى، فسيطروا على المباراة وأحرجوا لاعبي النادي الإيطالي الكبير الذين ظهروا أمامهم كالهواة؛ تاهوا في الملعب واستسلموا للخناق المحكم الذي فرضه الباريسيون.
كانت النتيجة خمسة أهداف، بل خمس لوحات فنية رسمتها أقدام فنانين أجادوا وأمتعوا ملايين المشاهدين حول العالم. كان كل هدف أجمل من الذي سبقه، وكل تمريرة في وسط الملعب تحضيرًا للأهداف كانت فنًّا وموسيقى، بل سحرًا كرويًا بديعًا. عزفوا بأقدامهم ألحانًا، وتدفّقوا شلالات من العذوبة. رسموا لوحة فنية تليق بمقام نهائي دوري أبطال أوروبا وأكثر، صالوا وجالوا وأعطوا وبذلوا، ولم يستبقوا جهدًا حتى تُوّج باريس سان جيرمان ملكًا.
فاجأوا المشاهدين، وأقنعوا المشككين، وأجبروهم على التصفيق لهم طوال المباراة. لقد لعبوا كرة قدم صفق لها الحاضر، وسيسطّرها ويمجّدها التاريخ بحروف من نور ونار.
لقد فعل باريس سان جيرمان ليلة أمس، وفي ليلة واحدة من ليالي نهائيات دوري أبطال أوروبا، ما عجز عنه الأبطال. أن تفوز في نهائي كأس أبطال أوروبا بخمسة أهداف، فأنت تفعل العجب، وتُطوّع المستحيل، وتكتب السحر.
نعم، أتى باريس سان جيرمان أخيرًا، لكنه أتى كبيرًا، كبيرًا جدًّا، ونال شهادة المشككين قبل المؤمنين.
إنه أمرٌ ملهمٌ لنا في المنطقة العربية أن نشاهد ونشهد استثمار دولة قطر في كرة القدم وفي الرياضة بكل أنواعها، وحصادها لزرعها بالوصول إلى هذه الإنجازات الكبيرة، بهذا المستوى الرائع من الثبات. وحقٌّ لكم أن تفخروا، فقد قدّمتم لإخوتكم العرب وللإقليم أجمع نموذجًا يُحتذى به في مجال التخطيط والإدارة والحكمة والصبر، ثم الوصول إلى الهدف.
شكرًا لهذه الجرعة العالية من التفاؤل التي منحتموها لنا في العالم العربي العاشق المجنون بكرة القدم، لأننا على يقين بأنكم حتمًا ستفعلون في المنطقة العربية ما فعلتموه في باريس في المستقبل القريب، وسوف يستمتع المشجع العربي قريبًا بفرق ودوريات ومنتخبات تشبه باريس سان جيرمان في ليلة الأمس.
وسنشارك العالم في التنافس الكروي العالمي، وسننتقل من دور المشارك إلى دور المتصدّر والمسيطر والفائز، الحائز على الجوائز والكؤوس العالمية الأغلى. وأول الغيث قطرة، ويا لها من قطرة… التي بحجم كأس دوري أبطال أوروبا!
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.