حيدر الفكي يكتب رئيس مجلس الوزراء الجديد د. كامل ادريس .. هل يمتلك البوصلة؟ 

حتى الآن – حيدر الفكي

رئيس مجلس الوزراء الجديد د. كامل ادريس .. هل يمتلك البوصلة؟ 

ربما كانت ابجديات المعطيات السياسية في السودان تعتبر من قبيل الإنجازات وذلك نسبة للظروف الإستثنائية التي يعيشها في كل شئ وعلى كافة المستويات الإجتماعية والسياسية بفعل تداعيات الحرب وإنعكاساتها.. انشغل الشارع السياسي في هذه الأيام بتعيين دكتور كامل الطيب إدريس رئيساً للوزراء وهو الذي درس الفلسفة ثم القانون ونال الماجستير من جامعة اوهايو الامريكية والدكتوراة من جامعة سويسرية وقد عمل بالخارجية السودانية ومن بعثة السودان في نيويورك التحق بالأمم المتحدة وقد شغل فيها منصب المدير العام للملكية الفكرية وعمل فيها لأكثر من دورة.. ومما زاد من شدة الإهتمام بهذا الحدث حيث تم تسليط الأضواء عليه هو ان البلاد عاشت حالة من الفراغ السياسي غير المسبوق وظلت بلا حكومة منذ إنقلاب 25 اكتوبر 2021 وتبعاً لذلك اصبحت كل السلطات في يد البرهان رئيس مجلس السيادة ورغماً عن تصريحاته بعيد الإنقلاب انه سيكوِّن حكومة في بضع اسابيع ولكن مرت قرابة الاربعة سنين ولم يتم تكوين الحكومة.. اما الآن وقد تم تعيين كامل ادريس رئيساً للوزراء في ظل ظروف ومتغيرات محلية واقليمية لها تماس وتقاطعات بشكل او بأخر مع الواقع السياسي السوداني..

مما لا شك فيه ان الطريق ليس مفروشاً بالورود امام رئيس الوزراء الجديد وانه قطعاً ستواجهه تعقيدات حقيقية وملفات شائكة قد تعرقل الى حد تحقيق برامجه على ارض الواقع رغماً عن ان

له صلاحية اختيار الطاقم الوزاري وعدم تدخل العسكر في المهام التنفيذية والاشراف على الوزارات والمؤسسات العامة هذا على المستوى النظري.. ومن الناحية الواقعية لابد حتى في اختياره للطاقم الوزاري ان يكون متوافقاً مع التوجه العام لرؤية المجلس العسكري وهذا بديهي.. اما اذا تناولنا برنامج التنمية والإعمار المفترض تحقيقه من قبل رئيس الوزراء فسيواجه تحدي كبير اقرب الى المستحيل منه الى الممكن وهذا من واقع ان هذا النظام يعطي اولوية عظمى ومقدرة للصرف على الأمن والدفاع وتأخذ نصيباً كبيراً من الميزانية العامة وهذا قبل الحرب فما بالك بعد ان وقعت الحرب؟! هنا ستكون الميزانية مسخرة لهذا الجانب بشكل اقرب الى الإطلاق علماً بان الحرب لم تنتهي والصرف عليها يتضاعف يوماً بعد يوم اما على الجانب العملياتي او علي صعيد التعزيز الأمني الإحترازي للمواقع الآمنة.. لذلك ومهما يكن تظل الميزانية هى ميزاتية حرب وعليه سيؤثر ذلك على اي مشاريع تنموية او اعمارية في هذا التوقيت التي يقود فيه رئيس الوزراء الجديد كامل ادريس دفة القيادة لرئاسة مجلس الوزراء لأن الموضوع هنا هو ليس حرية اختيار طاقمه الوزاري من عدمه وإنما كيف ستقود هذه السفينة بفاعلية وتصل الى مبتغاها من واقع مجمل عوامل موضوعية مهمة لكي يحصل اختراق في هذا المجال المغناطيسي شديد الإستقطاب والمستعصي على كل من دق بابه تاريخياً لأن السفينة لا تجري على اليبس..

وهنالك ملف لا يستهان به بل هو لا يقل اهمية من ملف الإعمار والتنمية وهو ملف العلاقات الخارجية في ظل الضبابية السائدة في تعريف هذا الملف حتى من قبل العسكر انفسهم فهناك تيار يجاهر برؤيته في الداعمين الإقليميين للحرب من وجهة نظرهم وهناك تيار يلترم الصمت والخيار الدبلوماسي تجاه هذا الملف بقيادة عبد الفتاح البرهان.. هذا الملف يحتاج الى مجهود جبار ويعد من اهم مفاتيح النجاح لتغيير موازين الواقع السياسي وهو مفتاح حساس ولايمكن ان يترك في يد رئيس مجلس الوزراء على أطلاقه بل القرار فيه يكون بنسبة كبيرة يخضع لموازنات أخرى..

وهناك ملف آخر ويعتبر هو اهم ملف الا وهو ملف الحرب وهو أس التعقيدات كلها وبلا منازع.. وبكل تأكيد سيكون هذا الملف خارج اختصاصه من واقع الأشياء بطبيعته العسكرية وهنا يكون دوره فيه بقدر مساحة الإستشارة في أحسن الاحوال وليس من واقع المساهمة في اتخاذ القرار.. وهنا يكمن التعقيد بعينه حيث ان التنمية والإستثمار تحتاج الى الإستقرار لجذب رؤوس الاموال لكي تعمل في مناخ آمن وجاذب وعليه يكون عدم وجود حماية كافية للمنشآت الحيوية التي يعتمد عليها الإستثمار والتنمية والإعمار عامل سالب وهو اثر من آثار الحرب..

العالم الخارجي والفاعلين الإقليميين والدوليين لهم حساسية مع البزة العسكرية وبكل تداعياتها وتبعاتها ولكنهم كذلك يتوجسوا من البدلة المدنية تحت عباءة العسكر.. الفكرة الأساسية المفصلية ترتكز على الطرح والبرنامج ومدى صلاحية رئيس الوزراء في الفعل وبتجرد من غير إملاءات وتوجيه ومعرفة ذلك ليست صعبة وتقاطعات المصالح الداخلية هى الكشَّاف الفعلي لأنه يصعب الصبر على تجاوزها خاصة في ظل تعدد مراكز القوى والقرار داخل جسم الدولة السوداتية الآنية

ومضة : هى روح مُتعبة بفوضى الجسد مُنهكة بفكر العقل ووعي السؤال


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *