عثمان ميرغني يكتب :التغطية مستمرة..

حديث المدينة الثلاثاء 28 مايو 2025

أمس قرأت خبرا عجيبا..الأستاذ سامي الرشيد رئيس مكتب شئون حجاج السودان.. قام بجولة على المشاعر المقدسة في الملكة العربية السعودية للوقوف على التجهيزات لاستقبال الحجاج وتمكينهم من أداء مناسكهم بسهولة ويسر!! علما بأن عدد الحجاج السودانيين هذا العام 11,500 فقط..
تتولى الحكومة السودانية ممثلة في إدارة الحج والعمرة..سلسلة من الإجراءات الطويلة تبدأ بتقديم طلبات الحج للذين ناداهم المنادي .. ومتابعة شئونهم في السودان ثم المملكة العربية السعودية في رحلاتهم بين المشاعر الى عودتهم الى البلاد.. وفي سبيل ذلك تصرف ميزانية ضخمة و مجهود و اهتمام يصرف الحكومة عن كثير من مشاغلها الكبرى الأخرى..
كل هذه الأعمال والتكاليف والمجهود لخدمة هذا العدد اليسير الذين يقابلهم هنا في القاهرة ربما في شارع واحد بحي فيصل الشهير ضعف هذا العدد يعانون صعوبات المعيشة و تحمل نفقات تعليم أبنائهم و قائمة من البنود الحتمية التي لا مجال لكل أسرة الا أن تتدبرها.
لو نظر ممثل الحج والعمرة للسودانيين في المهاجر أو مواقع النزوح داخل السودان لكان أفضل.
لو زار السيد مندوب هيئة الحج والعمرة … السودانيين في فيصل و خصص لهم من المال العام الذي ينفق على إدارة الحج والعمرة لربما فاق ذلك أجر حج البعثة كلها.. ولأمكن حل معضلات عصيبة تقابل أسر سودانية ضعيفة أجبرتها الحرب على الخروج بلا موارد مالية تقيم اودها..
بل لربما هناك أسر سودانية كثيرة في المملكة العربية السعودية نفسها.. وجدت نفسها مضطرة لاستضافة أقرباء ما لهم ملاذ غيرها.. وأكثر منهم في السودان توقفت أعمالهم ويعتمدون بصفة رئيسة على ما يتفضل به أبناؤهم المغتربون عبر التحويلات المالية الشهرية..
وكالة سياحة واحدة قادرة على الاشراف على إجراءات حج هذا العدد القليل من الحجاج السودانيين.. من الباب إلى الباب.. من باب البيت الى عودة الحاج لبيته في السودان.. فلماذا تخصص إدارة كاملة يذهب مندوبها لتفقد المشاعر المقدسة للتأكد من أنها جاهزة لاستقبال الحجاج؟ هل يعقل هذا؟ هل من سبب واح يفسر س هذه الإدارة العجيبة.
أذكر في عهد النظام السابق.. عقد مجلس وزراء ولاية الخرطوم جلسة كاملة مخصصة للنظر في ترتيبات وإجراءات حجاج الولاية.. اتصلت بالجهة المسؤولة في الولاية وسألتهم عن عدد حجاج ولاية الخرطوم.. الإجابة خمسة آلاف حاج!!
تصوروا اجتماع لمجلس الوزراء للنظر في ترتيبات حج هذا العدد الذي تستطيع وكالة سفر صغيرة في السوق العربي ان تكمل إجراءات سفرهم ومناسكهم وعودتهم ..
بعض الأخبار التي تبدو عادية وصغيرة تكشف أن الخلل الحقيقي في الدولة لا يزال قائما رغم عن تغير النظام السابق بثورة أنتجت حكومتين انتقاليتين ثم انلاقب عسكري بلغ العمر الأن أربع سنوات.. كل شيء تغير و اجتاحت الحرب البلاد ودمرت وشردت و طالت كل أوجه الدولة.. الا ادارة الحج والعمرة..
تجمدت اعوام دراسية للطلاب.. وبالكاد نجحت الحكومة في عقد امتحان واحد للشهادة السودانية من أصل ثلاثة كانت مجمدة.. و هاجر الهلال والمريخ إلى موريتانيا .. تماما مثلما غادر ملايين السودانيين الى دول الجوار وغيرها بحثا عن الأمان.. ونزح الملايين الى مدن سودانية أيضا.. كل هذا لم يمنع مطلقا إدارة الحج والعمرة في أن تستمر في ضلالها القديم في الإصرار على أن تشرف على إجراءات وعملية لا تحتاج لأي تخدل حكومي.. فالمملكة العربية السعودية توفر الخدمات كافة التي يحتاجه الحجاج..
من الحكمة حل إدارة الحج والعمرة.. وتحويل مهامها لموظف أو اثنين للتنسيق والتواصل مع الجانب السعودي في المسائل السيادية فقط.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *