عثمان ميرغني يكتب :مبارك الفاضل..

حديث المدينة الاثنين 26 مايو 2025
الأستاذ أحمد طه في قناة الجزيرة مباشر؛ استضاف مساء أمس السيد مبارك الفاضل، وقبل أن تنتهي الحلقة كان وابل المنصات الاسفيرية ينهال عليه بمختلف القذائف عيار 155 من تخوين و تبشيع بأسخن الالفاظ.
مبارك الفاضل سياسي منذ نعومة أظافره.. تنقل في مختلف العهود معارضا وحاكما في عدة مناصب وزارية وبرلمانية وحزبية.. لعب أدوارا في المشهد السياسي تختلف التقديرات حولها.. لكنها كانت في موضع “الفعل” المؤثر على مجريات اللعبة السياسية في البلاد.
ما قاله أمس اختلفت حوله التقديرات، البعض اعتبر أقواله كُفرا بواحا بالوطنية وارتهانا لأجندة خارجية .. و البعض ذهب أكثر وطالب باجراءات قضائية ضده.. و بالضرورة هناك في الضفة الأخرى من رأى فيه (شهد شاهد من أهلها) لكونه محسوب على معسكر الحكومة وان تكدرت المياه بينه وقيادتها.
في هذه السطور لا أرغب مناقشة ما قاله بقدر ما يهمني ردود الأفعال.. لأنها تعكس وجها حقيقيا لهول الانحدار في الفكر السياسي لدى الملعب الجماهيري المتلقي عموما والملعب السياسي الفاعل خاصة.. والصورة العامة أن الجميع غرقى في أمواج الاستقطاب الغشيم..
في مثل أجواء الاستقطاب الحالكة هذه، تميل النزوات نحو التجريم و تستلذ بمضغه لكونه يوفر مادة فاتحة لشهية للكراهية والعداء.. للدرجة التي لو حاول البعض التراجع عن أقواله لربما وجد الأبواب من خلفهم موصودة بإحكام حتى لا يعود.
هذه الحالة سائدة بشراسة حاليا.. ونشأت من ضعف الوعي السياسي عموما، و تحري المصالح الضيقة عند البعض خاصة.. البعض الذي يرى في تجريم الآخر ترفيعا لنفسه.
في حالة مبارك الفاضل؛ في تقديري؛ أن وضع ما يقوله في الاعتبار يحقق الاستفادة بأقصى قدر من الاستنتاجات و النصائح والمقترجات التي يقولها.. مع امكانية مناقشته بالحسنى في تلك التي عليها خلاف.. أو خطأ جسيم في المعلومات..
بعبارة أخرى.. توخي عدم قطع الحبال، والاستماتة في ابقائه في الصف الداعم للجيش.. فهو رقم مؤثر في الملعب السياسي.. و له قدرة واسعة للحوار و استيعاب الطرح الآخر.
الاستعجال في تخوين مبارك ورمي “طوبته” فيه رسالة تحذيرية لكل من يُعمِل عقله أن مساحة الأخذ والرد لا تحتمل إلا الرأي الأول والأخير من صاحب الرأي الكبير.
من حق أي سياسي أن يفكر.. و يقدر.. بل ومن حقه أن يخطأ حتى ولو كان الخطأ تحت لائحة “الخطر”.. فتلك من خصائص الملعب السياسي.. أنه يقوم على التقديرات.. والاجتهاد في الفكر والقول والعمل.. و تختلف التقديرات لكن لا يجب ان تختلف الغايات القصوى في مصلحة الوطن العليا.
مبارك قال رأيه.. يرد عليه .. ويُحاور و يناقش لكن بلا تخوين أو لغة خادشة للاحترام.

نقلا عن صحيفة التيار


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *