أم درمان – شبكة_الخبر – لم يكن يعلم أن تدريسه لمادة الكيمياء في إحدى مدارس أمبدة الثانوية، سيقوده إلى واحدة من أبشع نهايات الحياة. المعلم إبراهيم تارا، رجل خمسيني، عُرف بين طلابه بهدوئه وبحماسه لمهنته، بات اليوم عنوانًا جديدًا في سجل الجرائم التي ترتكب في الخفاء، وتُوثقها صور الألم والخذلان.
اعتقلته قوات الدعم السريع من منزله في أمبدة، بلا تهمة أو توضيح، كما يحدث مع مئات المدنيين في مناطق النزاع. لم يكن الاعتقال هو الأسوأ، بل ما تلاه. تعذيب ممنهج، حرمان من الطعام، وعزلة خانقة داخل معتقل غير معروف، ثم تسجيل مصور صادم، ظهر فيه إبراهيم هزيلًا، لا يكاد يقوى على النطق، وعيناه تغرقان في حزن طويل.
لكن الفاجعة لم تقف هنا. فقد طالبت الجهة التي اعتقلته فدية مالية من أسرته مقابل إطلاق سراحه. وبعد جمع الأسرة المكلومة للمبلغ المطلوب ودفعه، لم يرجع إبراهيم إلى بيته. لم تفتح بوابة المعتقل لتحرره، بل فتحت أبواب المقابر لتستقبله جثة أنهكها الجوع والتعذيب والإذلال.
جريمة مركبة… وقائمة طويلة من الانتهاكات
وصفت لجنة المعلمين السودانيين ما حدث بأنه “جريمة بشعة”، واعتبرتها واحدة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم، محمّلة قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن ما حدث.
في بيانها الصادر يوم 24 مايو 2025، أكدت اللجنة أن ما جرى يمثل انتهاكًا صارخًا لكل القيم والمواثيق الدولية، ويهدد الحياة الكريمة للمعلمين والمدنيين في السودان.
معلمون تحت القمع: مهنة محفوفة بالخطر
قصة إبراهيم تارا ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة، فبحسب تقارير حقوقية، تم توثيق عشرات الحالات من الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري بحق معلمين وكوادر تعليمية خلال الشهور الماضية، في سياق حرب لا تفرّق بين مقاتل ومدني، ولا تحترم حرمة المدارس أو عقول من يضيئون دروب العلم.
نداء إلى الضمير الإنساني
في ظل استمرار الانتهاكات، تساءل بيان لجنة المعلمين:
“أين يقف المجتمع الدولي من هذه الجرائم؟ ومتى يتحرك القانون الدولي لردع القتلة ومنتهكي الكرامة الإنسانية؟”
وربما هذا هو السؤال الذي سيبقى معلقًا فوق قبر إبراهيم، وفي ضمير شعب يُنتَهك في كل تفاصيله.
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.