الفاشر تحت النار: أكثر من 150 قتيلاً والحصار يخنق المدينة

الفاشر – شبكة_الخبر – في أحد أحياء مدينة الفاشر، تتناثر رائحة الموت في الأزقة قبل أن تصل إليها قذائف المدفعية. هنا لا يعود الليلُ للراحة، بل يهبط كابوساً جديداً على سكان أرهقهم الحصار، وأوجعتهم أصوات الانفجارات أكثر من الجوع.

خلال شهر مايو فقط، وثّقت شبكة أطباء السودان مقتل أكثر من 150 مدنياً في الفاشر، نتيجة القصف المتواصل على المدينة التي لم تعد تفرّق بين أصوات المؤذن وانفجار قذيفة في سوق أو منزل.

وفي بيان إنساني عاجل، أطلقت الشبكة نداء استغاثة عبر صفحتها على “فيسبوك”، دعت فيه المنظمات الإنسانية المحلية والدولية إلى التدخل الفوري لإيصال المساعدات الطبية والغذائية، محذّرة من أن الحصار الطويل خلّف نقصاً حاداً في الأدوية، وارتفاعاً مقلقاً في حالات سوء التغذية بين الأطفال.

لكن هذه المأساة لم تبدأ في مايو، بل تعود جذورها إلى منتصف أبريل 2024، حين بدأت قوات الدعم السريع تطويق المدينة تدريجياً، مستهدفة مداخلها وطرق الإمداد الرئيسية، كطريق الفاشر–نيالا، والفاشر–الطينة. ومع أواخر أبريل، اكتمل الحصار، وبدأت المدينة تعيش أيامها الأكثر قسوة، في ظل القصف المتكرر على أحيائها السكنية، واستهداف مرافق حيوية مثل مستشفى الجنوب ومركز الملكي الطبي.

بالنسبة للفاشر، المعركة تتجاوز كونها مواجهة عسكرية. فالمدينة هي آخر عاصمة ولائية في دارفور خارج سيطرة قوات الدعم السريع، وهي بوابة استراتيجية نحو ما تبقى من شمال وغرب السودان، ما يجعلها هدفاً عسكرياً وسياسياً بالغ الأهمية.

لكن على الأرض، تبدو الحسابات أكثر دموية. فالمعركة تتحوّل يوماً بعد يوم إلى صراع بقاء لمئات الآلاف من المدنيين المحاصرين داخل المدينة، بلا غذاء كافٍ، ولا دواء، ولا ممرات آمنة.

“نخاف أن نخرج فنُقتل، ونخاف أن نبقى فنجوع”، تقول فاطمة، وهي أم لثلاثة أطفال نزحت من حي الزهور إلى مدرسة مهجورة في شرق المدينة، بعد أن سقطت قذيفة على منزل جيرانها.

وفيما تحذر منظمات أممية من “كارثة إنسانية وشيكة” إذا لم يُفتح ممر إنساني آمن لإغاثة الفاشر، ما تزال النداءات تتكسر أمام جدران الصمت والتجاهل من أطراف النزاع، الذين اختاروا أن تكون المدينة ساحة لحسم عسكري بدلاً من أن تكون ملاذاً لأهلها من لهيب الحرب.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *