منوعات – شبكة_الخبر – في نهايات خمسينيات القرن الماضي، كانت أم درمان ــ قلب السودان النابض ــ تغلي بالفن والشعر والموسيقى. وفي أحد أزقتها الهادئة بحي البوستة، جلس الشاعر الشاب السر قدور ممسكاً بدفتره، يسطر بكلماته أغنية حملت مفردات جديدة على مسامع الناس وقتها، نبضت بإحساس عميق وجَرَس غنائي غير مألوف.
كتب السر أغنيته “يا حبيبي نحن اتلاقينا مرة”، وسارع بها إلى قامات الطرب بحثاً عن من يكسوها لحناً وصوتاً. أول من عرض عليها كانت النجمة عائشة الفلاتية، لكنها رفضتها ساخرة من كلماتها. لم ييأس السر، فتوجه بها إلى صديقه عوض جبريل، أحد أشهر الملحنين، لكنه هو الآخر لم يستوعب نكهة النص الغريبة.
في لحظة يأس، طرق باب جاره الفنان العاقب محمد حسن، فكان اللقاء مصيرياً. أحب العاقب القصيدة منذ أول قراءة، واحتضنها بلحن حنون عذب، لتخرج إلى النور أغنية من أجمل ما تغنى به وجدان السودانيين.
ولما استمعت إليها الفلاتية بعد شهرتها، استبد بها الغضب، وقابلت السر قدور في أروقة الإذاعة قائلة: “داهية تخمك وتخم عوض جبريل معاك!”. فرد عليها بضحكته المعهودة: “طيب عوض جبريل ذنبو شنو؟”، فأجابت: “عشان شين زيك!”.
وهكذا انتصرت الأغنية، رغم بوادر الرفض والسخرية، لتخلّد في الذاكرة السودانية كواحدة من أرقّ القصائد المغناة.
نص الأغنية:
يا حبيبي…
نحن اتلاقينا مرة
في خيالي وفي شعوري ألف مرة
ألف مرة عاش سلامك
والليالي تقول كلامك
والبعاد يشعل غرامك
وبالمحبة عيوني ساهره
عايز أشوفك تاني مره
ألف مره
***
من بعيد بتعيش معاي
في فؤادي
وفي عيوني وفي دماي
وحبي ليك من البداية
قصة حلوه بلا نهايه
قصة حلوه وقالوا مُره
عايز أعيشها تاني مره
ألف مره
***
يا حبيبي أمنياتي
أنت يا أحلي الأماني
الليالي تغني لو
تغني لو نتلاقي تاني
أشدو ليك يزيد حنانك
يزيد حنانك من حناني
وتقول معاي كل يوم
كل يوم نتلاقي تاني
يا حبيبي ألف مره
***
يا حبيبي أنحنا اتلاقينا مره
في خيالي وفي شعوري
ألف مره
ألف مره عاش سلامك
والليالي تقول كلامك
والبعاد يشعل غرامك
وبالمحبة عيوني ساهره
عايز أشوفك تاني مره
ألف مره
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.