«حين تصبح الكاميرا هدفاً» .. المصور شيخو يسقط في خط النار

خاص – شبكة_الخبر – في سهلٍ يتنفس الغبار والقلق، وبين جبالٍ تعرف وقع الأقدام والسلاح، سقطت الكاميرا من يد صاحبها، لكن الصورة لم تسقط.

السماني شيخو، المصور الذي عرفته الجبهات وشهدت له العدسات، ترجل اليوم في جبال الإبياتور بسهل البطانة، بعدما اخترقته شظايا طائرة مسيّرة، نُسب هجومها لقوات الدعم السريع. لم يكن يحمل سلاحًا سوى عينه، وعدسته، وروحًا ملتصقة بالحقيقة.

رحل شيخو وهو يؤدي رسالته الأخيرة، كما اعتاد أن يفعل دومًا، بلا ضجيج ولا درع. رحل تاركًا خلفه أرشيفًا من الضوء، ومن الشهادات التي لا تنكرها ذاكرة الصورة، مهما طال أمد النسيان أو تعالت ضوضاء الحرب.

وكان الهجوم الذي أودى بحياته قد استهدف مجموعة من شباب قوات “درع السودان”، في معسكر جبال الإبياتور بمنطقة سهل البطانة، وهي قوات محلية أعلنت في وقت سابق انحيازها للجيش السوداني، وتعمل على تأمين القرى والمناطق الزراعية شرقي البلاد.

وبحسب مصادر ميدانية، فإن الطائرة المسيّرة استهدفت المعسكر في وقت الفجر، مخلفة قتلى وجرحى، من بينهم الصحفي السماني شيخو الذي كان يرافق القوات لتوثيق عملياتها ونشاطها في المناطق الحدودية بين ولايتي القضارف والجزيرة.

وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع من أرشيف المصور الراحل، مرفقة برسائل وداع حزينة، مشيدين بدوره في نقل الحقيقة من قلب الميدان، حيث كتب أحدهم: “كان شيخو لا يخشى الاقتراب من الخطر ما دام يحمل الحقيقة بعدسته.. واليوم سقط وفي قلبه آلاف الصور التي لم تُلتقط بعد.”

وعُرف شيخو، الذي بدأ مسيرته المهنية في الصحافة الميدانية قبل سنوات، بدقته الفنية وحرصه على سرد القصة الإنسانية خلف كل لقطة. وقد غطى خلال الأشهر الماضية معارك في البطانة، والمناطق الريفية حول نهر عطبرة، ووثق أوضاع النازحين الذين فروا من جحيم الحرب في الخرطوم ودارفور.

ويأتي هذا الحادث في وقت تتصاعد فيه وتيرة استخدام الطائرات المسيّرة في النزاع السوداني، مما يوسع رقعة الدمار ويهدد بإقحام المزيد من المناطق الريفية في آتون الحرب. وتثير هذه الهجمات المتكررة على المعسكرات والمناطق المدنية قلقًا متزايدًا حول حماية الإعلاميين والعاملين في المجال الإنساني، في ظل غياب أي ضمانات لسلامتهم.

ورحل شيخو، لكن صوره باقية، تشهد على لحظة، وتنير ذاكرة، وتذكّر بأن الكاميرا قد تُستهدف، لكنها لا تموت.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *