الفاشر ـشبكة_الخبر ـ على امتداد الحدود الشرقية لتشاد، تتمايل شاحنات الإغاثة على طريق مغبرّ نحو دارفور، في رحلة محفوفة بالمخاطر. معبر “أدري”، الذي رحّب مسؤولون أمميون ببقائه مفتوحًا، لم يعد مجرد نقطة عبور للإمدادات، بل رمزًا للصمود في وجه الانهيار الكامل.
“منذ إعادة فتحه قبل ثمانية أشهر، أصبح معبر أدري شريان حياة أساسياً لملايين الأشخاص المحتاجين في المنطقة”، قال توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية.
وأضاف: “استمرار هذا الممر الحيوي أمر بالغ الأهمية، ونحن نعمل جاهدين لضمان تدفق المساعدات رغم التحديات المتزايدة.”
منذ أغسطس الماضي، دخلت عبر المعبر أكثر من 1600 شاحنة تحمل 52,500 طن من المساعدات، أنقذت حياة نحو 2.3 مليون إنسان في غرب السودان.
لكن في مقابل هذا الإنجاز، لا تزال التحديات تتراكم، والاحتياجات تتزايد بوتيرة أسرع.
الفاشر: مدينة تحت النار
في مدينة الفاشر، شمال دارفور، لا يُسمع سوى دوي المدافع وصفارات الإسعاف. الهجمات التي طالت المدينة مؤخرًا لم تفرّق بين مقاتل ومريض، ولا بين مقاتلة وشاحنة مياه.
كليمانتين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، وصفت الوضع بعبارات شديدة القلق:
“الهجمات الأخيرة على الفاشر مدمّرة، استهداف المرافق الإنسانية والطبية يهدد أرواح العاملين والمرضى على حد سواء. لا يمكن أن نواصل العمل في بيئة تُقصف فيها المستشفيات وتُدمّر فيها شاحنات المياه.”
اليونيسف أكدت أن شاحنة مياه كانت تدعمها قد دُمّرت داخل مجمع المستشفى السعودي، كانت تنقل مياهاً آمنة لأكثر من 1000 مريض في حالة حرجة.
نزوح لا ينتهي… وظلال مجاعة تتوسع
الاشتباكات المتجددة دفعت ما لا يقل عن 1700 شخص إلى النزوح هذا الأسبوع فقط. ومع تكدّسهم في مناطق مثل “الطويلة”، لم يعد المكان يتسع ولا الغذاء يكفي.
وبينما تحاول الأمم المتحدة إيصال المساعدات، غادرت قافلة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي من “الدبة” بشمال دارفور، حاملة مؤنًا غذائية لما يقرب من 100 ألف شخص في الفاشر.
“نحن نبذل أقصى ما نستطيع للوصول إلى الناس رغم انعدام الأمن، لكننا نؤكد أن الوصول الإنساني الآمن والمنتظم هو ضرورة ملحّة”، بحسب بيان صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
الشرق يشتعل… ومخاوف من جبهة جديدة
في بورتسودان، تزداد الصورة قتامة. ضربات بطائرات مسيرة ألحقت أضرارًا بالبنية التحتية الحيوية، وأجبرت أكثر من 3000 شخص على النزوح خلال أسبوعين فقط.
وحذرت الأمم المتحدة من خطورة فتح جبهة شرقية جديدة، وهو ما سيعني – بحسب فليتشر – “تعقيدًا كارثيًا لعمليات الإغاثة في عموم السودان”.
ودعا أوتشا إلى “توفير وصول غير مقيد للمساعدات الإنسانية عبر كل الطرق الممكنة، سواء عبر الحدود أو خطوط التماس، وضمان الحماية الكاملة للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني.”
حين يصبح الأمل ممراً ضيقاً
لم تعد الأرقام كافية لوصف حجم المأساة، فحين يُقصف المستشفى ويُنهب مخزن الغذاء، تتحول الإغاثة إلى مغامرة والمساعدة إلى تضحية.
وسط كل ذلك، يظل معبر “أدري” شاهدًا على أن هناك من لا يزال يحاول. وكما قال فليتشر:
“طالما ظل هذا المعبر مفتوحًا، فإن بصيص الأمل سيبقى حيًا، رغم كل الدمار.”
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.