زمزم المنكوبة: تصاعد مرعب للانتهاكات وسط شح الدواء وحصار الفاشر

الفاشر ــ  شبكة_الخبر ـ أفاد المتحدث باسم مخيم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور، محمد خميس دودة، بتصاعد مقلق في الانتهاكات ضد المدنيين داخل المخيم، على يد قوات الدعم السريع، بعد مرور أكثر من شهر على الهجوم العنيف الذي تعرض له في أبريل الماضي.

وقال دودة في تصريحات لـسودان تربيون إن المنصة الإلكترونية التي دشنتها إدارة المخيم لرصد الانتهاكات سجلت حتى الخميس 31 حالة اغتصاب، و52 حالة اختفاء قسري، إضافة إلى 173 حالة قتل خلال أسبوع واحد فقط.

وأشار إلى أن جهود التوثيق تواجه صعوبات متعددة، على رأسها ضعف الوصول إلى شبكة الإنترنت، وفقدان العديد من النازحين لهواتفهم المحمولة أثناء الهجوم أو خلال محاولات الفرار، إضافة إلى اضطرار بعضهم لبيع أجهزتهم من أجل توفير نفقات الترحيل نحو مناطق أكثر أمانًا.

أرقام مفزعة.. ومأساة مستمرة

وكانت قوات الدعم السريع قد شنت هجومًا واسعًا على المخيم في 11 أبريل الماضي، بعد شهور من القصف المدفعي، أسفر عن مقتل نحو 400 مدني، بينهم عدد من عمال الإغاثة، فيما أدى الهجوم إلى نزوح أكثر من 406 آلاف شخص من المخيم، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، بينما لا يزال نحو 180 ألف نازح عالقين في المخيم في ظروف كارثية.

ورغم الهدوء النسبي في مدينة الفاشر، بحسب دودة، إلا أن القصف المدفعي المتبادل بين الجيش وقوات الدعم السريع لا يزال مستمرًا، وسط أوضاع إنسانية متدهورة.

أسعار جنونية.. وشح في الدواء والنقد

وفي ظل الحصار المحكم الذي تفرضه قوات الدعم السريع على الفاشر منذ أكثر من عام، تعاني المدينة من انعدام تام للوقود وشح حاد في المواد الغذائية والأدوية، وسط تفاقم معاناة السكان.

وذكر دودة أن سعر صابونة الغسيل ارتفع إلى 6 آلاف جنيه، فيما وصل سعر كيلو اللحم إلى 12 ألف جنيه نقدًا، ويباع بـ20 ألفًا عبر التحويل البنكي، أما برميل المياه (44 جالونًا) فيتراوح سعره بين 8 و12 ألف جنيه.

وأكد أن أزمة السيولة تفاقمت في المدينة، حيث يُجبر المواطنون على استبدال 100 ألف جنيه عبر التحويل مقابل 65 ألفًا فقط نقدًا، ما ضاعف من أعباء الحياة اليومية.

ويعتمد السكان في نقل الجرحى إلى المراكز الصحية على عربات الكارو التي تجرها الحمير، في ظل غياب الوقود ووسائل الإسعاف.

انتهاكات منهجية وسط صمت دولي

تتسق الانتهاكات الموثقة في مخيم زمزم مع نمط واسع من الجرائم المٌمنهجة التي وثّقتها منظمات حقوق الإنسان الدولية في إقليم دارفور منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.

منظمة هيومن رايتس ووتش وثّقت، في تقريرها الصادر نهاية 2023، وقائع قتل جماعي وجرائم اغتصاب ونهب وتهجير قسري، ووصفت ما جرى في بعض مناطق غرب دارفور، خاصة مدينة الجنينة، بأنه قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية.

وفي مارس 2024، حذّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، من “تفكك منهجي للدولة في دارفور، وتحلل سيادة القانون”، مشيرًا إلى تصاعد أعمال القتل والاغتصاب العرقي والانتهاكات بحق النساء والفتيات بشكل مروع.

كما صرّحت بعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في تقريرها الأولي، أن قوات الدعم السريع ومليشيات متحالفة معها متورطة في “حملات تطهير عرقي ممنهجة”، استهدفت مجتمعات أفريقية محددة، من بينها النازحون في المخيمات، عبر استخدام الاغتصاب كسلاح حرب وتدمير مصادر المعيشة.

دعوات للمحاسبة وتقصي الحقائق

رغم فداحة ما يحدث، لا تزال الاستجابة الدولية ضعيفة، وسط غياب فعّال لآليات الردع والمساءلة، واستمرار الدعم الخارجي لبعض أطراف النزاع. وقد دعت منظمات حقوقية سودانية ونشطاء المجتمع المدني إلى ضرورة إرسال لجنة أممية مستقلة للتحقيق الميداني في الانتهاكات الجارية بمخيم زمزم والفاشر، وإدراج المسؤولين عنها ضمن قوائم العقوبات الدولية.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي استمرار الحصار وتراكم الانتهاكات إلى تكرار سيناريو رواندا، حيث يُرتكب التطهير العرقي في ظل صمت عالمي مشلول، مع تقاعس القوى الإقليمية والدولية عن اتخاذ إجراءات جادة لوقف الانزلاق نحو الكارثة.

 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.