الأبيض.. مدينة تنهشها القذائف وتقاوم تحت الرماد

الأبيض ـشبكة_الخبر ـ من تحت ركام البيوت التي هدمتها القذائف، يخرج صوت امرأة مسنّة ترتجف وهي تحتضن حفيدها: “ما عارفين نلقى لينا ملاذ وين.. الأبيض بقت نار”

في صباح الأربعاء، لم تكن الأبيض، عاصمة شمال كردفان، كما كانت عليه من قبل. المدينة التي كانت تعرف بهدوئها وأسواقها النشطة، تحوّلت إلى ساحة حرب مفتوحة، بعد أن سقطت عليها مجددًا قذائف مدفعية ثقيلة أطلقتها قوات الدعم السريع، مخلّفة أربعة قتلى على الأقل، و11 جريحًا، بينهم أطفال ونساء.

على أبواب مستشفى الأبيض التعليمي، كانت سيارات الدفع الرباعي تنقل الجرحى من أحياء المدينة المنكوبة. الدماء تلطخ الملابس، والأنين يعلو فوق أصوات صفارات الإسعاف. الطبيب مزمل أحمد الصافي، مدير المستشفى، بدا مرهقًا وهو يشرح للصحفيين أن الطواقم الطبية تعمل تحت ضغط هائل: “نستقبل إصابات حرجة كل يوم، والمستشفى رغم محدودية إمكانياته، يقاتل من أجل الحياة”.

في حي “السلام” جنوب المدينة، حيث سقطت أغلب القذائف، يروي شاهد عيان مشهدًا مأساويًا: “الناس كانت نايمة.. فجأة سمعنا دوّي انفجارات قوية، البيوت اتشقّت، والناس تجري بين الدخان واللهيب”.

القصف الأخير لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، كما يقول سكان الأبيض الذين يعيشون على وقع الرعب اليومي. فالمدينة تعاني منذ أسابيع من استهداف متكرر بطائرات مسيّرة ومدافع بعيدة المدى، تحوّلت معها الشوارع إلى خطوط تماس، والمنازل إلى ملاجئ لا تقي من الموت.

قبل أربعة أيام فقط، اهتزت الأبيض على وقع كارثة جديدة، حين استهدفت طائرة مسيّرة السجن القومي، مخلّفة 21 قتيلاً من النزلاء و47 مصابًا، في هجوم أثار موجة غضب واستنكار محلي ودولي.

في الخلفية، تشتد المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في مناطق شاسعة من كردفان، حيث يسعى الجيش لفتح الطريق نحو دارفور وفك الحصار عن مدينة الفاشر، بينما تتمسك قوات الدعم السريع بمواقعها في شمال وغرب وجنوب الإقليم.

ورغم تصاعد القصف والانفجارات، ترفض الأبيض الاستسلام. على جدران أحد المنازل المتضررة، كُتبت عبارة بخط مرتجف: “سنصمد مهما اشتد القصف.. هذه مدينتنا”.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *