بكين – رويترز – في لحظة سياسية دقيقة تمر بها الخرطوم، برزت بكين من جديد لتعلن موقفها الداعم “لسيادة واستقلال ووحدة أراضي السودان”، في لقاء لافت جمع وزير خارجية الصين وانغ يي، بوزير الخارجية السوداني المعيّن حديثًا عمر صديق، السفير السابق لدى الصين
ورغم بساطة البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية الصينية،الأربعاء والذي شدد على العلاقات الثنائية والتأكيد على وحدة السودان، إلا أن التوقيت والسياق يمنحان اللقاء أبعادًا أعمق من مجرد تبادل دبلوماسي بروتوكولي.
رسائل في لحظة فارقة
اللقاء يأتي في ظل حرب طاحنة تعصف بالسودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما أفرز فراغاً سياسياً، وانقساماً ميدانياً، وتشكيكاً دولياً في وحدة الدولة وقدرتها على البقاء موحّدة. في هذا المشهد، تبدو رسالة بكين مزدوجة: دعم سياسي لمؤسسة الدولة في الخرطوم، وإشارة ضمنية للتمسك بوحدة السودان الجغرافية والمؤسسية، في وجه أي مشروع للتفتيت أو التقسيم.
الدعم أم الاصطفاف؟
لكن السؤال الذي يتردد في الأوساط السياسية والبحثية: هل يمثل موقف الصين دعماً مبدئياً للسيادة السودانية؟ أم أنه بداية اصطفاف سياسي في الصراع الجاري؟
الصين – المعروفة بسياساتها غير التدخلية – تجد نفسها أمام اختبار جديد، إذ ترتبط مصالحها في السودان بثروات معدنية ونفطية كبرى، وموقع جيوسياسي بالغ الأهمية في البحر الأحمر والقارة الإفريقية. ومع تزايد التنافس الدولي على النفوذ في السودان، من الخليج إلى موسكو، يبدو أن بكين ترفض أن تكون متفرجاً.
عمر صديق: الوزير القادم من بكين
الوجه الآخر في هذه المعادلة هو الوزير السوداني الجديد عمر صديق، الذي يعود من بكين إلى الخرطوم محمّلاً برؤية تتقاطع مع فهمه العميق للعلاقات الصينية-السودانية. وهو أول وزير خارجية في الحكومة الموالية للجيش يزور الصين منذ اندلاع الحرب، ما يفتح باب التأويلات حول دور بكين المرتقب في هندسة التسوية أو في ترجيح كفّة دون أخرى.
هل تحمل بكين مشروع تسوية؟
ورغم عدم وجود إعلان رسمي عن مبادرة صينية، إلا أن نبرة وانغ يي، وتصريحاته حول دعم وحدة السودان، توحي بأن بكين قد تتحرك في الخفاء لحماية مصالحها عبر تهدئة الصراع، أو على الأقل، ضمان بقاء من تثق بهم في سدّة القرار.
في النهاية
تبقى لغة الصين دبلوماسية وناعمة، لكن رسائلها غالباً ما تكون مشفّرة. فهل هي بالفعل تكتفي بالدعم؟ أم أن السودان ساحة جديدة تدخلها بكين بحذر، ولكن بحزم؟
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.