«صرخة من الفاشر» .. عندما يصبح صفق الشجر طعامًا للنازحين

الفاشر – شبكة_الخبر – في قلب مدينة الفاشر، حيث كانت الأجواء تكتظ بالحركة والحياة، تحولت الأحياء الآن إلى مسرح لمعاناة غير مرئية لعالمٍ غافل. المدينة التي كانت يومًا ما تعج بالحركة والطمأنينة، أضحت اليوم تحت وطأة حصار قاتل، حيث يتدفق الجوع والموت كخيوط قاتمة تنسج مصيرًا مجهولًا لكل من يعيش فيها.

في ظل انعدام المواد الغذائية الأساسية وتدمير سلاسل الإمداد، أصبح البقاء على قيد الحياة في الفاشر معركة مستمرة ضد الموت. لكن الأكثر إيلامًا في هذه المعركة هو ما اضطر سكان المدينة إلى فعله كي لا يفقدوا حياتهم في هذا الجحيم. في مشهدٍ بشع يعكس عمق المأساة، يضطر الأهالي إلى أكل أوراق الأشجار وعلف الحيوانات، في حين كان الطعام اليومي منذ زمن ليس ببعيد رفاهية يُستمتع بها في الفاشر. أصبح هذا هو السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة في بيئة تكتنفها القحط والحروب والنزوح.

الناس الذين كانوا يعيشون في رحاب الأمن والأمل، أصبحوا اليوم أسرى جوعٍ خانق، يتنقلون بين يوم وآخر في محاولة للعثور على فتاتٍ من الحياة. ووسط هذا الكابوس اليومي، أصبح ملح الأفران الصناعي هو البديل القاسي لما كان يُعتبر أمرًا بديهيًا، إذ اضطر المواطنون لاستخدامه في غذائهم رغم خطورته الصحية، مما يهدد بانتشار أمراض جديدة تضاف إلى قائمة الأوجاع التي تعيشها المدينة.

وفي الوقت الذي كانت فيه المدينة تحتفل بمهرجانات الفرح والأمل، أصبح اليوم كل ما يراهن عليه هؤلاء الأهل هو المطابخ الجماعية التي كانت تَعد بتوفير غذاء بسيط. لكن حتى هذه المطابخ توقفت عن العمل بسبب انعدام الدعم، تاركة خلفها آلاف الجائعين في انتظار معونة قد لا تأتي.

تنسيقية لجان مقاومة الفاشر في بيانها الصادر الثلاثاء، وجهت نداءً إنسانيًا عاجلًا لكل الضمائر الحية في العالم للوقوف إلى جانب الفاشر وسكانها الذين يواجهون واقعًا مريرًا لا يعرفه سوى من عاشوا فيه. المطابخ الفاشر وتكايا المدينة أصبحت اليوم هي الجسر الوحيد بين الحياة والموت، ويحتاج سكان المدينة إلى دعم إنساني عاجل كي يتجاوزوا هذا الواقع المأساوي.

إن ما يحدث في الفاشر هو شهادة حيّة على أوجاع الإنسانية التي لا تزال غافلة عنها عيون العالم. ومع ذلك، فإن الأمل لا يزال موجودًا في تلك الأرواح المقاومة التي تصارع بكل قوتها ضد الظلام، في انتظار ضوء يشق طريقه نحو الفاشر، ربما يأتي من رحم الإنسانية جمعاء.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *