«على حافة الهلاك» .. صرخة في صحراء الكفرة!

طرابلس – شبكة_الخبر – بينما كانت الرمال تلفح وجوههم، والشمس تقضم ما تبقى من أنفاسهم، كان الموت قاب قوسين أو أدنى… حتى ظهر طيف النجاة في صورة رجل ليبي بسيارته، لينتشل نحو ثلاثين سودانيًا من قبضة الصحراء.

في قلب صحراء الكفرة الليبية، وعلى بُعد 40 كيلومترًا من الحدود، تعطلت سيارة كانت تقل 30 سودانيًا بينهم نساء وعشرة أطفال، فارّين من جحيم الحرب التي تعصف ببلادهم. خمسة أيام من التيه في العراء، بلا ماء ولا زاد، في واحدة من أكثر بقاع الأرض قسوة.

“كنا ننتظر الموت”

هكذا قال أحد الناجين، في صوت خافت تغلب عليه الدهشة والامتنان. “توقف المحرك، حاولنا إصلاحه بلا فائدة. معنا أطفال يصرخون من العطش، وكنا لا نملك سوى نظرات يائسة نتبادلها بيننا، وكل منا يتساءل: من سيموت أولاً؟”.

درجات الحرارة تجاوزت الـ45 درجة مئوية، والرمال امتدت بلا نهاية. لم تكن هناك تغطية هاتفية، ولا أمل في مرور مركبة عابرة. حتى ظهر الرجل الذي غيّر مصيرهم.

مواطن ليبي… وبطولة صامتة

لم يُكشف عن اسمه، لكن فعله تحدّث عنه. قاد سيارته وسط الصحراء بحثًا عن مؤشرات للتيه، بعد أن بلغه نبأ تعطل السيارة عبر بلاغ غير مباشر لجهاز الإسعاف والطوارئ. وجده الناجون وكأن السماء أرسلته. قدم لهم الماء، وبلغ عن حالتهم، حتى وصلت فرق الإنقاذ.

إبراهيم بالحسن، رئيس جهاز الإسعاف والطوارئ في الكفرة، أكد أن الحادثة وقعت منذ خمسة أيام، وأن الوضع كان مأساويًا، خاصة للأطفال الذين أصيب بعضهم بالإعياء الشديد.

صحراء مفتوحة… وحدود مغلقة

وراء هذه القصة ما هو أكبر من تفاصيلها. فهؤلاء الثلاثون ليسوا سوى عينة من آلاف السودانيين الذين يعبرون إلى ليبيا عبر الأراضي التشادية، فرارًا من الحرب المستعرة في الخرطوم ودارفور وكردفان. لا معابر آمنة، ولا خدمات إنقاذ، ولا تنسيق إنساني يكفي لتفادي الكوارث.

رحلة اللجوء: موت مؤجل

النجاة من الحرب لا تعني الوصول إلى الأمان، بل الدخول في سلسلة من المخاطر: عصابات تهريب، قحط صحراوي، وجدران حدودية من الرفض أو الانتظار الطويل. ما حدث في الكفرة قد يتكرر في عشرات المواقع، بعيدًا عن عدسات الإعلام.

رسالة بلا عنوان

في صمت الصحراء، رفعت الحادثة رسالة عاجلة إلى كل من يهمه الأمر: لا يكفي أن تنجو من الرصاص، بل يجب أن تجد يدًا تمتد إليك حين تسقط على أطراف الموت. وهذا ما فعله ذاك المواطن الليبي، الذي لم ينتظر شكرًا، لكنه منح الحياة لمن كادوا أن يفقدوها.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *