ترجمة ـ شبكة_الخبر ـ في تحوّل دراماتيكي يُنذر بمرحلة جديدة في الحرب الأهلية السودانية، تعرّضت مدينة بورتسودان الساحلية لهجوم بطائرات مسيّرة، ما وضع حدًا لمكانتها كملاذ آمن طوال عامين من الصراع. وشهدت المدينة، التي أصبحت مقرًا فعليًا للحكومة ومركزًا رئيسيًا لعمليات الإغاثة الإنسانية، استهدافات مباشرة للبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك مطارها الدولي ومحطة الكهرباء وفندق رئيسي.
وبحسب تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست البريطانية، السبت فإن الهجوم الذي وقع في 4 مايو ونُسب لقوات الدعم السريع، يُمثّل تصعيدًا لافتًا في استخدام الطائرات المسيّرة، والتي بدأت تُعيد تشكيل قواعد الاشتباك في الحرب. وقد حذّر سليمان بالدو، منسق “مجموعة متابعة الشفافية والسياسات في السودان”، من أن «لا مكان آمن بعد الآن»، في ظل انتقال القتال إلى الأجواء.
وتعود بداية استخدام المسيّرات إلى القوات المسلحة السودانية، التي حصلت على طائرات متقدمة من تركيا وإيران والصين بعد خسارة السيطرة على الخرطوم عام 2023. وقد ساهمت هذه الطائرات في استعادة الجيش لبعض المواقع في العاصمة خلال مارس الماضي. إلا أن قوات الدعم السريع، وبدعم إماراتي، دخلت مؤخراً هذا الميدان، مستخدمة الطائرات المسيّرة لاستهداف البنى التحتية داخل المناطق التي يسيطر عليها الجيش، بعد تعثر هجومها البري نحو الشرق.
ويُعد استهداف بورتسودان، المدينة الوحيدة التي تضم مطارًا دوليًا عاملاً، تهديدًا مباشراً للعمليات الإنسانية، حيث تم تعليق كافة الرحلات الجوية، مما عطل وصول المساعدات والأدوية. كما تسبب القصف في انقطاع الكهرباء ونقص حاد في الوقود، وظهرت تحذيرات من أزمة في توفر الأوكسجين داخل المستشفيات. ووفق مصادر إنسانية، فإن الأمم المتحدة بدأت في إعداد خطط طارئة لإجلاء فرقها من المدينة.
ويرى مراقبون أن هذا التصعيد يُكرّس نمطًا جديدًا من الحرب غير المتماثلة، تستخدم فيه قوات الدعم السريع سلاح الطائرات المسيّرة لشنّ هجمات عن بُعد، مقابل استمرار الجيش في تنفيذ ضربات جوية ضد قرى وأسواق واقعة تحت سيطرة خصمه، ما يعمّق منطق “الانتقام المتبادل” ويزيد من معاناة المدنيين.
في بلد يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، نزح فيها نحو 12 مليون شخص من أصل 50 مليون نسمة، يبدو أن حرب المسيّرات لا تبشّر إلا بمزيد من الفوضى والموت والتجويع، بينما يقف العالم عاجزًا أمام انهيار دولة كاملة في قلب أفريقيا.
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.