الصين تتحدث عن شراكة مصيرية مع السودان… هل بدأ عصر التوغل الناعم؟

بورتسودان ـشبكة_الخبر ـ  في خطوة تحمل أبعادًا دبلوماسية وسياسية لافتة، أعلنت السفارة الصينية في السودان أن العلاقات بين البلدين قد تجاوزت مرحلة المنفعة المتبادلة لتدخل نطاق ما وصفته بـ”الشراكة المصيرية”.

جاء ذلك في منشور رسمي نُشر ليل السبت عبر الصفحة الرسمية للسفارة على منصة “فيسبوك”، حيث أكدت أن “العلاقات الثنائية بين السودان والصين تشهد حالة من الثبات الاستراتيجي والتطور المتدرج، تجعلها نموذجًا نادرًا في العلاقات الدولية المنتجة”.

الحديث عن “شراكة مصيرية” يفتح الباب أمام تساؤلات حول طبيعة هذا التحول في الخطاب الصيني، خاصة في ظل الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها البلاد منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، والتي تسببت في انهيار مؤسسات الدولة المركزية ونقل مقر الحكومة إلى مدينة بورتسودان.

ويُنظر إلى هذه الرسالة على أنها تحمل دعمًا سياسيًا ضمنيًا للسلطة القائمة في الشرق، وتأكيدًا على استمرار التزام بكين بمصالحها الاستراتيجية في السودان، رغم الفوضى الأمنية والجمود السياسي.

لطالما كانت الصين شريكًا اقتصاديًا رئيسيًا للسودان، خاصة في مجالات النفط والبنية التحتية. غير أن اللغة الجديدة المستخدمة في وصف العلاقة، تشير إلى ما هو أبعد من التعاون الاقتصادي، وتوحي بوجود رؤية صينية أوسع لتموضعها في السودان بوصفه بوابة محورية في “مبادرة الحزام والطريق”، وموقعًا استراتيجيًا على البحر الأحمر. وتكتسب بورتسودان، تحديدًا، أهمية مضاعفة في ظل هذه الرؤية، خاصة في ظل ما يتردد عن مشاريع مستقبلية مرتبطة بالموانئ والطاقة والنقل البحري.

وفي الوقت الذي يرى فيه البعض في السودان أن هذه الشراكة قد تمثل فرصة ضرورية لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي وسط الحصار والانهيار، تبرز أيضًا مخاوف من أن يتحول الحضور الصيني إلى نفوذ سياسي ناعم يتغلغل في مفاصل القرار، في وقت تغيب فيه الرقابة البرلمانية والضمانات السيادية.

التصريح الصيني الأخير، وإن جاء بلغة دبلوماسية مألوفة، إلا أنه يعكس تحولًا في فلسفة التعامل مع السودان من مجرد شريك تجاري إلى حليف استراتيجي طويل الأمد. ما يدفع إلى التساؤل: هل بدأت الصين بالفعل مرحلة “التوغل الناعم” في شرق إفريقيا عبر البوابة السودانية؟ وهل ستبقى هذه الشراكة في إطار الدعم التنموي، أم تتجاوزها إلى اصطفافات سياسية في نزاعات المنطقة؟ الأيام وحدها كفيلة بالكشف عن ملامح هذه الشراكة المصيرية.

 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *