تقرير ـ شبكة_الخبر ـ في تصعيد عسكري غير مسبوق منذ نحو عقدين، عادت كشمير لتكون بؤرة توتر مشتعلة بين الهند وباكستان، الجارتين النوويتين اللتين حملتا تاريخهما المتشابك إلى طور جديد من المواجهة. فقد شهدت الأيام الماضية تبادلاً كثيفاً للقصف المدفعي وضربات جوية متبادلة، واستخداماً مكثفاً للطائرات المسيّرة، في تطور يهدد بانزلاق المنطقة إلى مواجهة واسعة يصعب التحكم في عواقبها.
تصعيد ميداني واسع
أعلنت باكستان صباح الخميس عن إسقاط 12 طائرة مسيرة من طراز “هاروب” الإسرائيلية الصنع، اتهمت الهند بإرسالها لاستهداف مواقع في لاهور وكراتشي. وتزامن ذلك مع دوي انفجارات في لاهور، مما دفع هيئة الطيران الباكستانية إلى تعليق الملاحة الجوية في مطارات رئيسية.
وفي المقابل، اتهم الجيش الهندي إسلام آباد بشن هجمات صاروخية ومسيّرة على مواقع داخل أراضيه، مؤكداً أنه رد بتدمير أنظمة دفاع جوي ورادارات باكستانية. كما أعلنت نيودلهي أن قواتها المسلحة استهدفت ما وصفته بـ”مراكز تدريب وتجنيد إرهابيين” داخل باكستان، معتبرة هذه الضربات “استباقية واحترازية”.
سياق تاريخي مشحون
منذ تقسيم الهند عام 1947، ظلت كشمير نقطة الاشتعال الرئيسية بين البلدين، وأشعلت ثلاث حروب مباشرة بينهما. ومع تصاعد النزعة القومية في الهند، وتزايد نفوذ المؤسسة العسكرية في باكستان، تحولت كشمير من نزاع سياسي إلى صراع هوية ووجود.
الهجوم الذي وقع في 22 أبريل الماضي وأودى بحياة 26 شخصاً في الشطر الهندي من كشمير، أعاد للأذهان هجمات مماثلة أدت إلى مواجهات واسعة، مثل حادثة بولواما عام 2019. لكن التطور الجديد في استخدام المسيّرات والضربات المتبادلة في العمق المدني يرفع من سقف الخطر إلى حدود غير مسبوقة.
مخاوف إقليمية ودولية
ردود الأفعال الدولية لم تتأخر، حيث دعت عدة عواصم إلى ضبط النفس، وأعلنت شركات طيران آسيوية وأوروبية تعليق رحلاتها عبر المجال الجوي الباكستاني. أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فعاد ليقدم نفسه كوسيط محتمل، معلناً أنه “يتمتع بعلاقات جيدة مع الطرفين”، وداعياً إلى وقف فوري للنزاع.
لكن دعوات التهدئة تصطدم بحقيقة مفادها أن الطرفين يخوضان مواجهة ضمن سياق داخلي ضاغط: في الهند، يواجه الحزب الحاكم ضغوطاً سياسية متزايدة وسط تصاعد في النزعة القومية؛ أما في باكستان، فإن الجيش يسعى لترميم صورته بعد موجة انتقادات داخلية، مما يجعل المواجهة العسكرية وسيلة لتوحيد الصفوف داخلياً.
احتمالات التصعيد أو التهدئة
تشير التطورات إلى أن المنطقة دخلت طور “المواجهة المراقبة”، أي التصعيد المدروس الذي يسعى لتحقيق مكاسب سياسية دون الانجرار إلى حرب شاملة. ومع ذلك، فإن حسابات الخطأ وسوء التقدير قد تؤدي إلى اشتعال حرب لا تُبقي ولا تذر، خاصة في ظل امتلاك الطرفين للسلاح النووي.
التساؤل الرئيسي المطروح اليوم ليس ما إذا كانت هناك حرب شاملة قادمة، بل ما إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية للعودة إلى طاولة التفاوض، ومعالجة الأسباب الجذرية للنزاع بدل الركون إلى الردع العسكري.
التصعيد الأخير بين الهند وباكستان يعكس خطورة تسييس ملف كشمير واستخدامه كورقة ضغط داخلية. وإذا لم تتحرك القوى الدولية بمبادرات جادة تتجاوز بيانات القلق، فقد تكون شبه القارة أمام لحظة انفجار قد تتجاوز حدودها الجغرافية.
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.