حديث المدينة – الخميس 8 مايو 2025
السياسة في السودان مبنية على ثلاث طبقات رأسية، مرتبة من القاعدة إلى القمة كالتالي:
الأولى: الساسة.
الثانية: الأحزاب.
الثالثة: التحالفات.
الطبقة الأولى؛ الساسة .. هم الأعضاء الفاعلون في السلك السياسي السوداني. يدخلون الملعب السياسي من أبواب متعددة. بعضهم يرث صفة “السياسي” بالسلالة، متوارثة كابرًا عن كابر، حتى وإن لم تتوفر فيهم مقومات “السياسي” بالدرجة المطلوبة.
بدأ الجيل المعاصر من الساسة مع بدايات القرن العشرين، وتشكل وعيه الوطني خلال العقدين الرابع والخامس منه. إذا جاز تصنيف الساسة حسب الأجيال، فإننا نشهد حاليًا الجيل السادس:
• الجيل الأول: برز في الملعب السياسي المحدود، الذي كانت تحكمه زعامة السيدين علي الميرغني وعبد الرحمن المهدي. منهم الزعيم إسماعيل الأزهري، ومحمد أحمد المحجوب، وأحمد خير، وغيرهم من أبناء جيلهم.
• الجيل الثاني: ظهر في خمسينيات القرن الماضي، ومن أبرزهم السادة الصادق المهدي، حسن الترابي، عبد الخالق محجوب، الشريف حسين الهندي، فاطمة أحمد إبراهيم، وغيرهم.
• الجيل الثالث: برز في سبعينيات القرن الماضي، ومنهم السادة محمد عثمان الميرغني، منصور خالد، مبارك الفاضل، علي عثمان، عمر نور الدائم، وغيرهم.
• الجيل الرابع: ظهر في ثمانينيات القرن الماضي، ومنهم الجزولي دفع الله، حسين أبو صالح، أبو حريرة، وغيرهم.
• الجيل الخامس: برز في العقد الأول من الألفية الثالثة، ومنهم السادة إبراهيم الشيخ، عمر الدقير، مريم الصادق المهدي، وغيرهم.
• الجيل السادس (الراهن): ظهر بعد عام 2010، ومنهم السادة خالد عمر يوسف، وجدي صالح، محمد الفكي، وغيرهم.
أعددت دراسة مفصلة عن تجارب هذه الأجيال على المستوى الشخصي، مع مقارنة معيارية بين كل جيل وآخر، ضمنتها في كتابي “الديمقراطية السودانية”. خلاصة الدراسة لا تهدف إلى إعداد قوائم شخصية، بل إلى الغوص في أعماق الشخصية السياسية السودانية، ومحاولة فهم نشوئها وتطورها: كيف تتكون بذرتها؟ كيف تنمو وترتقي؟ وما العوامل الشخصية والمؤسسية التي تؤثر في بناء الشخصية السياسية السودانية؟ إضافة إلى تفاصيل أخرى كثيرة.
الطبقة الثانية: الأحزاب. تبدو المسألة هنا أكثر تعقيدًا، لأنها تعتمد جزئيًا على إسقاطات من الطبقة الأولى (الساسة). عمومًا، الأحزاب السودانية أقدم من الدولة السودانية نفسها بفارق 13 عامًا ميلاديًا، وبفارق سنتين في السياق المؤسسي البرلماني والتنفيذي.
الطبقة الثالثة: التحالفات. تتنوع بحسب طبيعة الأحزاب المتحالفة، أو القضية التي تستدعي التحالف، أو البيئة السياسية العامة، كما حدث في نموذج تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير.
العلاقة الرأسية بين هذه الطبقات الثلاث هي الحاكم الموجه للسلوك السياسي السوداني، والتي أفرزت في نهاية المطاف نتائج وخيمة أدخلت البلاد في مسلسل لا ينتهي من الفشل المتواصل.
سأعود للموضوع، إن شاء الله
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.