الرياض ـ شبكة_الخبر ـ في لحظة تتسارع فيها نيران الحرب وتحاصر ما تبقى من الدولة السودانية، جاء نداء الرياض مختلفًا في نبرته، واضحًا في مقصده: “أوقفوا الحرب فورًا”. لم يكن تصريحًا دبلوماسيًا عابرًا، بل رسالة سياسية تحمل وزنًا خليجيًا وإقليميًا، أطلقتها المملكة العربية السعودية من على منبر مجلس وزرائها، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
بهذا النداء، وضعت الرياض يدها مجددًا على الجرح السوداني النازف، معلنة أن الحل لا يأتي من البنادق، بل من حوار سوداني – سوداني، يُعيد للدولة سيادتها ولمؤسساتها فاعليتها. فهل يشكّل هذا الموقف لحظة انعطاف في مسار الصراع؟ وهل تملك السعودية من النفوذ والدور ما يكفي لتكون مفتاحًا لإطفاء نيران الخرطوم والمضي نحو سلام حقيقي؟
لقد شدّد مجلس الوزراء السعودي على أن وقف الحرب بات ضرورة إنسانية وسياسية عاجلة، داعيًا جميع الأطراف السودانية إلى تحكيم صوت العقل، ووضع حد للدمار المتصاعد الذي يهدد ليس فقط حاضر السودان، بل مستقبله كدولة قابلة للبقاء. في الوقت ذاته، جدّدت الرياض تمسكها برؤية تقوم على احترام وحدة السودان، وصيانة مؤسساته، ومنع انزلاقه إلى الفوضى أو التفكك.
الرسالة السعودية جاءت في سياق إقليمي مضطرب، حيث تتشابك الأزمات في المنطقة، وتبحث العواصم المؤثرة عن سبل لخفض التصعيد وبناء توازنات جديدة. وفي هذا الإطار، تواصل المملكة أداء دورها كقوة استقرار ووسيط إقليمي يتمتع بثقة الفرقاء، لا سيما في الملف السوداني، الذي سبق وأن احتضنته جدة في مباحثات مباشرة، وإن تعثرت لاحقًا.
لكن هذه العودة القوية إلى مربع المبادرة تطرح تساؤلات عن أدوات الرياض وقدرتها الفعلية على تحريك الأطراف نحو طاولة تفاوض فعالة، في ظل الانقسام العميق وغياب الإرادة السياسية لدى المتصارعين. فهل تملك السعودية وحدها مفاتيح الضغط، أم أن تحقيق اختراق حقيقي يتطلب اصطفافًا دوليًا وإقليميًا أوسع، تتكامل فيه الأدوار وتتقاطع المصالح؟
ما بين نداء الرياض وصدى الخرطوم، تقف الحقيقة معلّقة: وقف الحرب ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب شجاعة سودانية أولاً، وحلفًا إقليميًا فاعلًا ثانيًا. والمملكة، بما راكمته من علاقات وتأثير، قد تكون حجر الزاوية في بناء هذا المسار — إذا أُصغي لندائها.
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.