من رماد الحرب إلى منصة التفوق: شمس الحافظ… التلميذة التي هزمت المسافات والشتات

عطبرةـ شبكة_الخبر  ـ  في مدينة عطبرة، وبين زغاريد الأمهات ودموع الفخر، لمع اسم شمس الحافظ عبد الله بين أوائل الشهادة السودانية، بعد أن أحرزت نسبة 94.7% وحلت في المركز التاسع على مستوى البلاد. لكنها لم تكن مجرد متفوقة عادية، بل قصة حياة تُروى.

شمس ليست فقط واحدة من الناجحين، بل هي رمز لعزيمة جيل مزقته الحرب ولم تكسره. خرجت من أعماق معسكرات اللجوء، حاملة دفاترها في حقيبة صغيرة، وقلبها مليء بحلم كبير. كانت الحرب قد سرقت منها كل شيء تقريباً… البيت، المدرسة، الأصدقاء، وحتى الوطن الذي اضطرت إلى مغادرته قسراً.

في مخيمات اللجوء بتشاد، كانت تدرس تحت ظلال الأشجار، وعلى ضوء المصابيح الشمسية. ومع اقتراب امتحانات الشهادة السودانية، جاء القرار الصادم: حكومة أنجمينا ترفض إقامة الامتحانات للطلاب السودانيين اللاجئين. عندها قررت شمس أن لا تنتظر فرجاً من أحد.

قطعت أكثر من ألفي كيلومتر من تشاد إلى عطبرة، في رحلة محفوفة بالمخاطر، لا تحمل سوى قناعتها بأنها تستحق فرصة. وصلت قبيل بداية الامتحانات في ديسمبر 2024، وجلست في القاعات كما الآلاف من الطلاب، لكن قلبها كان يخفق بحكاية لم يعشها أحد سواها.

نجحت شمس، ولمع اسمها، واحتفت بها عطبرة كما تحتفي المدن بالأبطال. كرمها والي نهر النيل، محمد البدوي عبد الماجد، قائلاً: “إنها تجسيد لعزيمة لا تُقهر”. أما شركة “زين”، فقد خصصت وفداً لزيارتها في يناير 2025، حيث عبّر مدير الإقليم الشمالي عن فخره بما أنجزته، واصفاً إياها بـ”النموذج الذي يُحتذى به”.

لكن شمس نفسها، عندما سُئلت عن سر تفوقها، قالت بهدوء: “أنا فقط لم أرد للحرب أن تنتصر عليّ.”

في بلاد أنهكتها الحرب، وشتّت أبناءها في المنافي، تبقى شمس الحافظ عبد الله شاهدة على أن الحلم لا يُقتل، وأن دفاتر العلم يمكن أن تُكتب حتى في زمن النزوح.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *